يُعد الاكتفاء الذاتي الغذائي أحد أهم المؤشرات على قوة الاقتصادات الوطنية وقدرتها على مواجهة الأزمات العالمية. فكلما ارتفعت نسبة الإنتاج المحلي من الغذاء مقارنة بما يُستهلك داخليًا ازدادت قوة الدولة في الحفاظ على أمنها الغذائي وتقليل اعتمادها على الاستيراد.
تكشف الإحصاءات الحديثة لعام 2024 عن تصدر نيوزيلندا القائمة بنسبة 194% من الاكتفاء الذاتي وهو ما يعني أنها تنتج ما يقارب ضعفَي استهلاكها المحلي من الغذاء الأمر الذي يمنحها قدرة كبيرة على التصدير. تلتها أوروغواي بنسبة 167% ثم أستراليا بنسبة 161% والأرجنتين بنسبة 146%. هذه الدول تعتمد بشكل كبير على الزراعة وتربية الماشية مما يجعلها من أكبر المصدّرين للحوم والمنتجات الزراعية في العالم.
الدول الصناعية والزراعية الكبرى
من الملفت أن دولاً مثل كندا (137%) ورومانيا (134%) حققت نسبًا مرتفعة أيضًا في حين جاءت بولنداوفرنسا بنسب تجاوزت 110%. أما البرازيل فهي رغم كونها من أكبر مصدري الغذاء عالميًا إلا أن نسبة اكتفائها الذاتي بلغت 113% ما يعكس توازنًا بين الإنتاج المحلي وحجم السكان الكبير.
الدول ذات الاعتماد الجزئي على الاستيراد
في المقابل نجد أن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة سجلت نسبة 109% والدنمارك 105% بينما جاءت إسبانيا عند 94% أي أنها تنتج أقل مما تستهلك وتحتاج لتعويض الفجوة عبر الاستيراد. كما أن الصين رغم ضخامة إنتاجها الزراعي بلغت نسبة اكتفائها الذاتي 90% فقط بسبب كثافة سكانها الهائلة.
التحديات في الدول النامية
أما على مستوى الدول ذات التعداد السكاني الكبير والاعتماد الأعلى على الاستيراد فقد ظهرت ألمانيا بنسبة 84% ومصر بنسبة 81% فقط ما يضعها في مواجهة تحديات تتعلق بتحقيق التوازن بين النمو السكاني والموارد الزراعية المحدودة.
يبين هذا التصنيف أن الدول الزراعية الغنية بالموارد الطبيعية تتصدر المشهد العالمي في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي بينما تواجه الدول ذات الكثافة السكانية العالية أو محدودية الأراضي الزراعية تحديات تجعلها أكثر اعتمادًا على التجارة العالمية لتأمين غذائها. وفي ظل الأزمات الاقتصادية والبيئية يظل الاكتفاء الذاتي الغذائي ورقة استراتيجية لضمان استقرار الشعوب وأمنها القومي.