يعيش العراق اليوم واحدة من أخطر الأزمات البيئية في تاريخه الحديث إذ تشير المؤشرات إلى أن عام 2025 قد يكون الأشد جفافًا منذ عام 1933. هذه الأزمة تتجاوز كونها موسمية إذ باتت تهدد الأمن المائي والزراعي والغذائي في البلاد وتعكس تحديات هيكلية كبيرة في إدارة الموارد المائية وسط تغييرات مناخية حادة ونزاعات إقليمية على مصادر المياه.
تراجع كبير في مصادر المياه
تشير البيانات إلى أن 70% من مصادر المياه في العراق تأتي من خارج حدوده مما يجعله معتمدًا بشكل شبه كلي على تدفق المياه من دول الجوار لا سيما تركيا وإيران. ومع انخفاض معدلات الأمطار وسوء إدارة المياه فإن هذا الاعتماد الخارجي يترك العراق عرضة للتقلبات السياسية والهيدرولوجية خارج سيطرته.
انحدار في إيرادات دجلة والفرات
شهد العراق انخفاضًا بنسبة 27% في إيرادات نهري دجلة والفرات وهما الشريانان الرئيسيان للحياة الزراعية والاقتصادية في البلاد. يعود هذا التراجع إلى عدة أسباب من بينها بناء السدود على منابع الأنهار خارج العراق وارتفاع درجات الحرارة وتبخر كميات كبيرة من المياه بسبب الجفاف.
انخفاض الطاقة التخزينية للسدود
أحد أبرز المؤشرات على حدة الجفاف هو انخفاض الطاقة التخزينية للسدود بنسبة 57%. ويُعزى ذلك إلى ضعف التجديد الطبيعي للمياه الواردة وكذلك الاستخدام المفرط للمياه في الزراعة دون اتباع أساليب ري حديثة وفعّالة.
امتلاء خزانات السدود عند أدنى مستوى
نسبة امتلاء خزانات السدود لم تتجاوز 8% فقط، وهو رقم صادم يضع العراق أمام خطر حقيقي يتمثل في فقدان السيطرة على إدارة المياه في المستقبل القريب، لا سيما مع استمرار التراجع في هطول الأمطار ومعدلات الجريان السطحي.
المناطق الوسطى والجنوبية الأكثر تضررًا
تشير التقديرات إلى أن المحافظات الواقعة في وسط وجنوب العراق هي الأكثر تضررًا من هذه الأزمة نظرًا لاعتمادها شبه الكامل على المياه السطحية في الزراعة ومياه الشرب. وقد بدأ بالفعل تأثير الجفاف ينعكس على الإنتاج الزراعي وهجرة بعض السكان من المناطق الريفية وارتفاع معدلات التصحر.
*تفرض هذه الأرقام واقعًا جديدًا يتطلب من السلطات العراقية اتخاذ إجراءات عاجلة على عدة مستويات من بينها:
•التفاوض الدولي لضمان حقوق العراق المائية من دول المنبع.
•تبني استراتيجيات ري حديثة للحد من الهدر.
•رفع الوعي المجتمعي بشأن أزمة المياه والتكيّف مع المتغيرات المناخية.
•استثمار في تحلية المياه وإعادة استخدامها.
إن استمرار هذا الوضع دون تدخل فعّال قد يؤدي إلى أزمات إنسانية واقتصادية واسعة النطاق حيث يمثل الماء أساس الأمن القومي والتنمية المستدامة في العراق.