في السنوات الخمس الماضية واجه العديد من دول العالم موجات تضخم شديدة أثّرت بشكل كبير على الحياة اليومية لمواطنيها حيث ارتفعت أسعار السلع والخدمات الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة. وتُظهر البيانات المستندة إلى تغير مؤشر أسعار المستهلكين أن بعض الدول شهدت طفرات تضخمية حادة تفوقت كثيرًا على المتوسط العالمي.
1. الأرجنتين: أزمة تضخم خانقة
تتصدر الأرجنتين القائمة بارتفاع هائل في الأسعار بلغ 2614% خلال خمس سنوات فقط. يعكس هذا الرقم أزمة اقتصادية عميقة تعاني منها البلاد نتيجة الانهيار المستمر لقيمة العملة المحلية إلى جانب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي ما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين بشكل كبير.
2. تركيا: تضخم يتجاوز التوقعات
تأتي تركيا في المرتبة الثانية بتضخم بلغ 464% نتيجة مزيج من السياسات النقدية غير التقليدية وتراجع قيمة الليرة التركية وارتفاع أسعار الاستيراد إلى جانب تداعيات جيوسياسية أثّرت في اقتصادها بشكل مباشر.
3. مصر: تداعيات تعويم الجنيه وأزمة الدولار
سجلت مصر تضخمًا بلغ 116% خلال نفس الفترة مدفوعًا بعدة قرارات اقتصادية أبرزها تعويم الجنيه المصري وندرة العملة الأجنبية ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية وسط محاولات حكومية مستمرة للسيطرة على الأزمة.
4. المجر: ضغوطات أوروبية داخلية وخارجية
شهدت المجر ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 52% في الأسعار نتيجة لمزيج من العوامل الداخلية مثل سياسات الضرائب والدعم، والعوامل الخارجية مثل ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا بسبب الأزمات المتعاقبة.
5. روسيا: العقوبات الغربية وتأثيرات الحرب
جاءت روسيا في المرتبة الخامسة بنسبة تضخم وصلت إلى 44%، وهي نتيجة مباشرة للعقوبات الاقتصادية المفروضة عقب الأزمة الأوكرانية وتذبذب سعر صرف الروبل إلى جانب ارتفاع تكاليف الاستيراد وتقييد حركة التجارة.
قراءة في الأرقام
تشير هذه البيانات إلى التحديات الكبرى التي تواجهها الاقتصادات النامية وحتى بعض الدول المتقدمة في ظل بيئة عالمية مليئة بعدم اليقين. ففي الوقت الذي تستهدف فيه العديد من البنوك المركزية حول العالم معدلات تضخم بين 2-3% سنويًا فإن الأرقام الواردة في هذا التقرير تكشف عن خروج واضح عن هذا الإطار.
*أصبحت السيطرة على التضخم أولوية قصوى لحكومات هذه الدول، لكنها في الوقت ذاته تشكل تحديًا معقدًا يتطلب توازناً دقيقًا بين السياسة النقدية والمالية من جهة واحتياجات المواطنين من جهة أخرى. ومع استمرار الأزمات العالمية كالتغير المناخي والصراعات السياسية يبدو أن تحدي استقرار الأسعار سيبقى قائمًا لسنوات مقبلة.
